الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.اللقطة: .تعريفها: وكثيرا ما تطلق على ما ليس بحيوان، أما الحيوان فيقال له: ضالة. .حكمها: فإن كانت في موضع لا يأمن عليها فيه إذا تركها وجب عليه التقاطها، وإذا علم من نفسه الطمع فيها حرم عليه أخذها. وهذا الاختلاف بالنسبة للحر البالغ العاقل، ولو لم يكن مسلما. أما غير الحر والصبي وغير العاقل فليس مكلفا بالتقاط اللقطة. والاصل في هذا الباب ما جاء عن زيد بن خالد، رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسأله عن اللقطة فقال: «اعرف عفاصها، ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا شأنك بها قال: فضالة الغنم؟ قال: هي لك أو لاخيك أو للذئب قال: فضالة الإبل؟ قال: مالك ولها معها سقاؤها وحذاؤها وترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها» رواه البخاري وغيره بألفاظ مختلفة. .لقطة الحرم: وقوله: «لا يرفع لقطتها إلا منشد» أي المعرف بها. .التعريف بها: ويحفظها كما يحفظ ماله ويستوي في ذلك الحقير والخطير. وتبقى وديعة عنده لا يضمنها إذا هلكت إلا بالتعدي، ثم ينشر نبأها في مجتمع الناس بكل وسيلة في الاسواق وفي غيرها من الأماكن حيث يظن أن ربها هناك. فإن جاء صاحبها وعرف علاماتها والأمارات التي تميزها عما عداها حل للملتقط أن يدفعها إليه وإن لم يقم البينة. وإن لم يجئ عرفها الملتقط مدة سنة. فإن لم يظهر بعد سنة حل له أن يتصدق بها أو الانتفاع بها، سواء أكان غنيا أم فقيرا، ولا يضمن. لما رواه البخاري والترمذي عن سويد بن غفلة قال: لقيت أوس بن كعب فقال: وجدت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: عرفها حولا. فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا فقال: احفظ وعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها. وسئل رسول الله في اللقطة توجد في سبيل العامرة، قال: «عرفها حولا، فإن وجدت باغيها فأدها إليه، وإلا فهي لك قال: ما يوجد في الخراب؟ قال: فيه وفي الركاز الخمس». قال ابن القيم: والافتاء بما فيه متعين، وإن خالفه من خالفه فإنه لم يعارضه ما يوجب تركه. .استثناء المأكول والحقير من الأشياء: فأن المأكول لا يجب التعريف به ويجوز أكله، فعن أنس أن النبي، صلى الله عليه وسلم، مر بثمرة في الطريق فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لاكلتها» رواه البخاري ومسلم. وكذلك الشئ الحقير لايعرف سنة بل يعرف زمنا يظن أن صاحبه لا يطلبه بعده، وللملتقط أن ينتفع به إذا لم يعرف صاحبه. فعن جابر، رضي الله عنه، قال: «رخص لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به» أخرجه أحمد وأبو داود. وعن علي، كرم الله وجهه، أنه جاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بدينار وجده في السوق، فقال النبي صلى عليه وسلم: «عرفه ثلاثا ففعل فلم يجد أحدا يعرفه، فقال: كله» أخرجه عبد الرزاق عن أبي سعيد. .ضالة الغنم: وقالت المالكية: إنه يملكها بمجرد الاخذ ولاضمان عليه، ولو جاء صاحبها، لأن الحديث سوى بين الذئب والملتقط، والذئب لاغرامة عليه فكذلك الملتقط. وهذا الخلاف في حالة ما إذا جاء صاحبها بعد أكلها. أما إذا جاء قبل أن يأكلها الملتقط ردت إليه بإجماع العلماء. .ضالة الأبل والبقر والخيل والبغال والحمير: وقد كان الأمر على هذا حتى عهد عثمان، رضي الله عنه، فلما كان عثمان رأى التقاطها وبيعها، فإن جاء صاحبها أخذ ثمنها. قال ابن شهاب الزهري: كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبل مؤيلة حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها رواه مالك في الموطأ. على أن الإمام عليا كرم الله وجهه أمر بعد عثمان أن يبني لها بيت يحفظها فيه ويعلفها علفا لا يسمنها ولا يهزلها، ثم من يقيم البينة على أنه صاحب شيء منها تعطى له، وإلا بقيت على حالها لا يبيعها. واستحسن ذلك ابن المسيب. وأما البقر والخيل والبغال والحمير فهي مثل الإبل عند الشافعي وأحمد. وروى البيهقي أن المنذر بن جرير قال: كنت مع أبي بالبوازيج بالسواد، فراحت البقر فرأى بقرة أنكرها فقال: ما هذه البقرة؟ قالوا: بقرة لحقت بالبقر فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا يأوي الضالة إلا ضال». وقال أبو حنيفة: يجوز التقاطها. وقال مالك: يلتقطها إن خاف عليها من السباع وإلا فلا. .النفقة على اللقطة: .الأطعمة: .تعريفها: وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} أي على آكل يأكله. ولا يحل منها إلا ما كان طيبا تتوقه النفس. يقول الله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}. والمقصود بالطيب هنا ما تستطيبه النفس وتشتهيه وهذا مثل قول الله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}. والطعام، منه ما هو جماد، ومنه ما هو حيوان. فالجماد حلال كله ما عدا النجس والمتنجس والضار والمسكر وما تعلق به حق الغير. فالنجس مثل الدم والمتنجس كالسمن الذي ماتت فيه فأرة، لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، الذي رواه البخاري عن ميمونة أنه سئل عن سمن وقعت فيه فأرة فقال: «القوها، وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم». وقد أخذ من هذا الحديث أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه. وأما المائع فإنه ينجس بملاقاة النجاسة. والضار من السموم وغيرها. فالسموم مثل السموم المستخرجة من العقارب والنحل والحيات السامة وما يستخرج من النبات السام والجماد كالزرنيخ، لقول الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}. وقوله جل شأنه: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}. وقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه أبو هريرة: «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا» رواه البخاري. وإنما يحرم من السموم القدر الذي يضر. وأما ما يحرم للضرر من غير السموم مثل الطين والتراب والحجر والفحم بالنسبة لمن يضره تناولها فلقول الرسول، صلى الله عليه وسلم،: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وابن ماجه. ويدخل في هذا الباب الدخان فإنه ضار بالصحة وفيه تبذير وضياع للمال، والمسكر مثل الخمر وغيرها من المخدرات. وما تعلق به حق الغير مثل المسروق والمغصوب فإنه لا يحل شيء من ذلك كله. والحيوان منه ما هو بحري ومنه ما هو بري. فأما البحري فهو حلال كله. والحيوان البري: منه ما هو حلال أكله ومنه ما هو حرام. وقد فصل الإسلام ذلك كله وبينه بيانا وافيا، مصداقا لقول الله عزوجل: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}. وقد جاء هذا التفصيل مشتملا على أمور ثلاثة: الأمر الأول: النص على المباح. الأمر الثاني: النص على الحرام. الأمر الثالث: ما سكت عنه الشارع. .ما نص الشارع على أنه مباح: .الحيوان البحري: والحيوان البحري لا يحتاج إلى تزكية. والاصل في ذلك قول الله عزوجل: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة} قال ابن عباس: صيد البحر وطعامه: ما لفظ البحر رواه الدار قطني. وروى عنه في معنى طعامه ميتته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه والحل ميتته» رواه الخمسة. وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح. وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: حديث صحيح. .السمك المملح: وكل هذه طاهرة ويحل أكلها ما لم يكن فيه ضرر فإنه يحرم لضرره بالصحة حينئذ. قال الدرديري - رضي الله عنه - من شيوخ المالكية: الذي أدين الله به أن الفسيخ طاهر لأنه لا يملح ولا يرضخ إلا بعد الموت، والدم المسفوح لا يحكم بنجاسته إلا بعد خروجه، وبعد موت السمك إن وجد فيه دم يكون كالباقي في العروق بعد الذكاة الشرعية، فالرطوبات الخارجة منه بعد ذلك طاهرة لا شك في ذلك. وإلى هذا ذهب الأحناف والحنابلة وبعض علماء المالية. الحيوان يكون في البر والبحر: قال ابن العربي: الصحيح في الحيوان الذي يكون في البر والبحر منعه، لأنه تعارض فيه دليلان: دليل تحليل، ودليل تحريم، فنغلب دليل التحريم احتياطا. أما غيره من العلماء فيرى أن جميع ما يكون في البحر بالفعل تحل ميتته، ولو كان يمكن أن يعيش في البر، إلا الضفدع للنهي عن قتلها. فعن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الحاكم.
|